فصل: خبر سيف الدولة بواسط.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.عود المتقي إلى بغداد وفرار البريدي.

لما استولى أبو الحسين البريدي على بغداد وأساء السيرة كما مر وإمتلأت القلوب منه نفرة فلما قتل ابن رائق أخذ الجند في الفرار عنه والانتقاض عليه ففر جحجح إلى المتقي واعتزم توزون وأنوش تكين والأتراك على كبس أبي الحسين البريدي وزحف توزون لذلك في الديلم فخالفه أنوش تكين في الأتراك فذهب توزون إلى الموصل فقوي بهم ابن حمدان والمتقي وانحدروا إلى بغداد وولى ابن حمدان على أعمال الخراج والضياع بديار مضر وهي الرها وحران ولقيا أبا الحسن أحمد بن علي بن مقاتل فاقتتلوا وقتل ابن مقاتل واستولى ابن طباب عليها ولما وصل المتقي وابن حمدان إلى بغداد هرب أبو الحسين ابن البريدي منها إلى واسط لثلاثة أشهر وعشرين يوما من دخوله واضطربت العامة وكثر النهب ودخل المتقي وابن حمدان في العساكر في شوال من السنة وأعاد أبا إسحق القراريطي إلى الوزارة وولى توزون على الشرطة ثم سار إليهم أبو الحسين البريدي فخرج بنو حمدان للقائهم وانتهوا إلى المدائن فأقام بها ناصر الدولة وبعث أخاه سيف الدولة وابن عمه أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان فاقتتلوا عنده أياما وانهزم سيف الدولة أولا ثم أمدهم ناصر الدولة بالقواد الذين كانوا معه وجحجح بالأتراك وعادوا القتال فانهزم أبو الحسين إلى واسط وأقصر سيف الدولة عن اتباعه لما أصاب أصحابه من الوهن والجراح وعاد ناصر الدولة إلى بغداد منتصف ذي الحجة ثم سار سيف الدولة إلى واسط وهرب بنو البريدي عنها إلى البصرة فملكها وأقام بها.

.استيلاء الديلم على أذربيجان.

كانت أذربيجان بيد ديسم بن إبراهيم الكردي من أصحاب يوسف بن أبي الساج وكان أبوه من أصحاب هرون الشاري من الخوارج ولما قتل هرون لحق بأذربيجان وشرد في الأكراد فولد له ديسم هذا فكبر وخدم ابن أبي الساج وتقدم عنده إلى أن ملك بعدهم أذربيجان وجاء السيكري خليفة وشمكير في الجبل سنة ست وعشرين وغلبه على أذربيجان ثم سار هو إلى شمكير وضمن له طاعة ومالا واستمده فأمده بعسكر من الديلم وساروا معه فغلب السيكري وطرده وملك البلاد وكان معظم جيشه الأكراد فتغلبوا على بعض قلاعه فاستكثر من الديلم وفيهم صعلوك بن محمد بن مسافر بن الفضل وغيرهما فاستظهر بهم وانتزع من الأكراد ما تغلبوا عليه وقبض على جماعة من رؤسائهم وكان وزيره أبو القاسم علي ابن جعفر قد ارتاب منه فهرب إلى الطرم وبها محمد بن مسافر من أمراء الديلم وقد انتقض عليه وابناه وهشودان والمرزبان واستوليا على بعض قلاعه ثم قبض على أبيهما محمد وانتزعا أمواله وذخائره وتركاه في حصنه سلبيا فريدا فقصد علي بن جعفر المزبان وأطعمه في أذربيجان فقلده وزارته وكانت نحلتهما في التشيع واحدة لأن علي بن جعفر كان من الباطنية والمرزيان من الديلم وهم شيعة وكاتب علي بن جعفر أصحاب ديسم واستمالهم واستفسدهم عليه وخصوصا الديلم ثم التفتوا للحرب وجاء الديلم إلى المرزبان واستأمن معهم كثير من الأكراد وهرب ديسم في فل من أصحابه إلى أرمينية واستجار بجاحق بن الديواني فأجاره وأكرمه وندم على ما فرط في إبعاد الأكراد وهم على مذهبه في الخارجية وملك المرزبان أذربيجان واستولى عليها ثم استوحش منه علي بن جعفر وزير ديسم وتنكر له أصحاب المرزبان فأطعمه المرزبان فأخذ أموالهم وحملهم على طاعة ديسم وقتل الديلم عندهم من جند المرزبان ففعلوا وجاء ديسم فملكها وفر إليه من كان عند المرزبان حتى اشتد عليه الحصار واستصلح أثناء ذلك الوزير علي بن جعفر ثم خرجوا من توزير ولحق ديسم بأردبيل وجاء علي بن جعفر إلى المرزبان ثم حاصر المرزبان أردبيل حتى نزل له ديسم على الأمان وملكها صلحا وملك توزير كذلك ووفى له ثم طلب ديسم أن يبعثه إلى قلعته بالطرم فبعثه بأهله وولده وأقام هنالك.

.خبر سيف الدولة بواسط.

لما فر بنو البريدي عن واسط إلى البصرة ونزل بها سيف الدولة أراد الإنحدار خلفهم لانتزاع البصرة منهم واستمد أخاه ناصر الدولة فأمده بمال مع أبي عبد الله الكوفي وكان توزون وجحجح يستطيلان عليه فأراد الاستئثار بالمال فرده سيف الدولة مع الكوفي إلى أخيه وأذن لتوزون في مال الجامدة ولجحجح في مال المدار وكان من قبل يراسل الأتراك وملك الشام ومصر معه يجيبونه ثم ثاروا عليه في شعبان من سنة إحدى وثلاثين فهرب من معسكر ونهب سواده وقتل جماعة من أصحابه وكان ناصر الدولة لما أخبره أبو عبد الله الكوفي بخبر أخيه في واسط برز يسير إلى الموصل وركب إليه المتقي يستمهله فوقف حتى عاد وأغذ السير لثلاثة عشر شهرا من إمارته فثار الديلم ونهبوا داره ودبر الأمور أبو إسحق القراريطي من غير لقب الوزارة وعزل أبو العباس الأصبهاني لأحد وخمسين يوما من وزارته ثم تنازع الإمارة بواسط بعد سيف الدولة تورون وجحجح واستقر الحال أن يكون توزون أميرا وجحجح صاحب الجيش ثم طمع ابن البريدي في واسط وأصعد إليها وطلب من توزون أن يضمنه إياها فرده ردا جميلا وكان قد سار جحجح لمدافعته فمر به الرسول في طريقه وحادثه طويلا وسعى إلى توزون بأنه لحق بابن البريدي فأسرى إليه وكبسه منتصف رمضان فقبض عليه وجاء به إلى واسط فسمله وبلغ الخبر إلى سيف الدولة وكان لحق بأخيه فعاد إلى بغداد منتصف رمضان وطلب المال من المتقي لمدافعة توزون فبعث أربعمائة ألف درهم وفرقها في أصحابه وظهر له من كان مستخفيا ببغداد وجاء توزون من واسط بعد أن خلف بها كيغلغ فلما أحسن به يوسف الدولة رحل فيمن انضم إليه من أجناد واسط وفيهم الحسن بن هرون وسار إلى الموصل ولم يعاود بنو حمدان بعدها بغداد.